الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية القاضي عمر الوسلاتي: مشروع لجنة التشريع بمجلس نواب الشعب سيقضي على إستقلالية القضاء وسيؤدي الى اجهاض حلم الجمهورية الثانية

نشر في  11 ماي 2015  (11:12)

بقلم القاضي عمر الوسلاتي

الكاتب العام للمرصد التونسي لاستقلال القضاء

الغريب وأنت تطلع على تقرير لجنة التشريع بمجلس نواب الشعب حول مشروع المجلس الأعلى للقضاء ينتابك احساس أنّ هناك قوة جذب من اجل استيدامة النظام القديم والغريب ايضا أنّ من يدافعون على تلك الاستيدامة عبروا سرا وعلانية من خلال مواقفهم دفاعهم المستميت عن استقلال القضاء وعدم التدخل فيه الى أن جرموا التدخل في نص أولي للدستور.

والملاحظ أنّ الاراء التي تم طرحها كلها تعكس خشية مبالغ فيها وخوفا من تكريس الاستقلال الفعلي وبحثوا عن كل مبررات لتلك التوجهات الغريبة والعجيبة ووجدوا حججهم في قواعد فلسفية لا علاقة لها بوضع النص "السلطة تحد السلطة". وبرغم اقرارهم أنّ القضاء سلطة اسقطوا كل العبارات التي توحي انه سلطة حتى اليمين لم تتضمن ذلك.

كان التخوف بارزا في أعمالهم من ما يسمى بدولة القضاة وأوغلوا في الخوف من سلطة القضاة فجردوهم من كل السلطات بتعلة الخوف من عدم محاسبهم وافلاتهم من العقاب وعدم السيطرة عليهم. وصنعوا نصا يجيب عن تلك التخوفات- المصطنعة - ولكن كانت تلك المبررات الواهية لعرقلة تكريس قضاء مستقل والحال انهم يشرعون بكل قوة لنصوص اشد تطرفا على سبيل المثال قانون زجر الاعتداءات على الامنيين ومباركة ذلك من قبل عدد لا يستهان به من السياسيين.

وبرز من خلال السماعات التي اجريت والتي تم توجيههاعن قصد الى بحث التمثيلية القطاعية اكثر من بحث الصلاحيات والنجاعة والرقابة التي يجب ان يتمتع بها المجلس الاعلى للقضاء وكان على السادة اعضاء المجلس المحترمين بحث ضمان صلاحيات للمجلس افضل من بحث التقليص من صلاحياته حفاظا على مكانة وزارة العدل التي كانت هاجسهم "ماذا يبقى لوزارة العدل ووزيرهم المعين؟" الجواب كان مجلس اعلى للقضاء لا يشرف على شيئ ولا اليات تسمح له بضمان حسن سير المرفق القضائي.

الهيئات المهنية تبحث عن تواجد اكثر من بحث اهمية مجلس اعلى للقضاء يضمن استقلال القضاء واوغلت في ذلك واستمرت في توهم التواجد لتمثيل القطاع فكانت نتيجة ذلك الفهم مجلس أعلى يكرس استيدامة الاستبداد والسيطرة على القضاء ونهاية حلم بقضاء مستقل كان من شعارات الثورة. 

واستمرت تلك المعارك الجانبية حول التركيبة فتقلص عدد القضاة وبقي القطاع الاكثر حضورا سياسيا مسيطرا بامتياز وبرزت تلك العلاقات المتشنجة بين القضاة والمحامين عند صياغة النص بامتياز.

والملاحظ انّ القضاة لا يملكون قوة دفع اوحاضنة سياسية ولكن يعولون على وعي أعتقد أنه وعي مفقود لغياب الثقة في حكومة منصبة تتقاسمها مصالح سياسوية ضيقة ستضيق الخناق على التحركات المقبلة ولكن ستبقى مسألة استقلال القضاء محرك اساسي لانتقال سياسي سليم وبناء المؤسسات واي فشل في هذا الاتجاه سيؤدي الى اجهاض حلم الجمهورية الثانية.